شارك الدكتور سليمان محمد آرتي، الأستاذ المشارك بقسم النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت، في الجلسات الأولى من محور “المسرح وما بعد العولمة”، التي تناولت موضوع “المسرح والذكاء الاصطناعي” خلال مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وأشار في كلمته إلى الدور المتزايد للذكاء الاصطناعي في تطوير الفنون وكيف يسهم في خلق أشكال تقنية جديدة تتناسب مع طبيعة التلقي المتغيرة، ويعكس تآزر المسرح والتكنولوجيا في خلق صورة معاصرة تتجلى في الفنون الرقمية والإبداعات المسرحية.

تطرق الدكتور آرتي إلى آراء الباحث سيمون يونغ حول مفهوم التجاوز الإنساني والذي يعزز العلاقة بين التقدم العلمي وقدرات الإنسان في مواجهة التحديات مثل الأمراض والموت، ولفت الانتباه إلى ضرورة تطوير الهندسة الوراثية والتغيير البيولوجي لتلبية تلك الأهداف، وتوافق في ذلك مع الأفكار التي طرحها عالم الفيزياء جريجوري ستوك في كتابه “إعادة تشكيل البشر”، بالإضافة إلى الإشارات التي قدمتها الباحثة نوران مهدي عبد العزيز حول الأجساد المهجنة في الفنون الأدائية المعاصرة.

ركز الدكتور آرتي في حديثه على تجربة المخرج الفرنسي فيليب ديمير بمسرحيته “Inferno” حيث ارتدى الممثلون هياكل آلية في أدائهم، مما منح فرصة لاستكشاف العلاقة بين الإنسان والمركبات الآلية، وعكس ذلك تصورًا نوعيًا لعوالم جديدة تعكس حقيقة الحياة الإنسانية، وهي تجربة تمزج بين الحركة والآلية وتثير تساؤلات حول مستقبل الفنون المسرحية وكيف يمكن أن تتطور مع هذه التقنيات.

طرح آرتي فرضيات رئيسية تتعلق بمفهوم ما بعد الإنساني ورغم ارتباطه بالتقدم التكنولوجي إلا أنه يقيد العروض المسرحية من خلال عناصر مثل الإضاءة والصوت والحركة والبرمجيات، وعبر ذلك يسعى إلى كسر الأنماط التقليدية للأداء وفتح آفاق رقمية جديدة تدمج بين البنيتين الطبيعية والآلية، وهو ما يسهم في تطوير الممارسات الفنية المعاصرة بشكل جديد يدفعها نحو استكشافات جديدة.

في ختام دراسته، أكد الدكتور آرتي على أن هذه التحولات ليست مجرد نظرية، بل تعكس واقعيًا في العروض المسرحية المعاصرة والتي تستند إلى الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية لتوسيع أفق الإبداع وإعادة تشكيل العلاقة بين الفن والإنسان والتكنولوجيا، ما يستدعي اهتمامًا أكبر بدور تلك الفنون في العصر الحديث.

يعُد مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي واحدًا من أقدم المهرجانات العالمية المختصة في تقديم العروض المسرحية التجريبية، حيث يسعى إلى بناء جسور التواصل بين الشعوب والبلدان، ويهدف إلى تعريف الجمهور في مصر والعالم العربي بأحدث الاتجاهات المسرحية، ويقدم نافذة للمسرحيين للتعرف على التطورات الجارية في المشهد المسرحي المحلي والدولي.