مركبة فضاء أوروبية تبحث في الوديان على سطح المريخ
تمكنت مركبة الفضاء الأوروبية “مارس إكسبريس” من تصوير سطح الكوكب الأحمر لأكثر من عشرين عامًا، وتبقى منطقة واحدة تحظى بانتباه كبير من فريق “مارس إكسبريس”، وهي “فوهة أكيرون”، حيث تُظهر الصورة الجديدة عالية الوضوح الحافة الغربية لهذه المنطقة، مما يسمح لنا بالتعرف على التضاريس الفريدة الموجودة هناك، وتبرز تفاصيل دقيقة تكشف عن الأشكال البحرية والعلامات الجيولوجية التي لم يتم اكتشافها من قبل.
وفقا لما ذكره موقع “space”، فإن “فوهة أكيرون” تتميز بمميزات طبيعية مدهشة، حيث تكتظ بالحفر التي تحمل الاسم نفسه، بالإضافة إلى القنوات المماثلة للصدوع التي تخترق السطح، وتتنوع الأرض بين تلال مرتفعة ووديان عميقة، مما يخلق منظرًا يترك انطباعًا عن ندوب طويلة عبر السطح، وتُعتبر هذه المعالم دليلًا على النشاط الجيولوجي التاريخي للكوكب.
ذكرت وكالة الفضاء الأوروبية أن الحفر ربما تشكلت قبل نحو 3.7 مليار سنة، وهو ما يتوافق مع إحدى أكثر الفترات نشاطًا جيولوجيًا على المريخ، حيث اضطرت الصخور المنصهرة تحت القشرة إلى الارتفاع إلى السطح، مما أدى إلى تمدد السطح وتصدعه وظهور شقوق طويلة تمتد لمسافات شاسعة، وهو ما يعكس التغيرات الكبيرة في تركيبة الكوكب.
القصة الجيولوجية لفوهة أكيرون فوساي ليست محصورة في تلك العصور القديمة، فقد ساهمت أنهار جليدية ضخمة تراكمت من مزيج من الصخور والرمال والجليد في نحت المناظر الطبيعية على مدى آلاف السنين، وعلى يمين الحفرة كما تظهر الصورة الملتقطة بواسطة مارس إكسبريس، يمكننا أن نرى كيف أدت الحركة البطيئة لهذه الأنهار الجليدية إلى تشكيل تلال مستديرة وهضاب مسطحة القمم.
تقدم الصورة أيضًا لمحات عن سهول منخفضة على اليمين وسهول مرتفعة على اليسار، وإذا ما قامت مارس إكسبريس بتصغير الصورة، فسيمتد شكل هذه السهول وصولًا إلى جبل أوليمبوس، وهو أعلى بركان في النظام الشمسي، بارتفاع يقارب 13.6 ميلًا (22 كم)، حيث يبعد عن منطقة أكيرون فوساي حوالي 746 ميلًا (1200 كم).
على الرغم من النشاط الجيولوجي المستمر على سطح المريخ، فإن البيئة تخضع لتأثيرات متعددة تستمر في تشكيل المشهد عبر الزمن، حيث تظهر عشرات الفوهات الصدمية في صورة المركبة المدارية، مما يدل على حالات تآكل متفاوتة تشير إلى أعمار مختلفة، وبالتالي فإن المريخ أيضًا لا يزال هدفًا للقصف بالصخور الفضائية كما هو الحال مع كوكب الأرض.
أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية أن مركبة “مارس إكسبريس” ستستمر في مهماتها حتى نهاية عام 2026، وربما لفترة أطول، مما يمنح المركبة فرصة للتعمق في استكشاف سطح المريخ وجمع المزيد من المعلومات القيمة للبشرية، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم تاريخ هذا الكوكب العجيب.